سأخون وطني .. عنوان ُ لكتاب ٍ أًسقِط َ كاتبه في خضّم ما تعيشه أمتنا العربية من إسقاطات ، فكثير ُ هم الذين أُسقِطوا في زمنٍ جُرّد تماما ً من النخوة و الشهامة و المروءة التي قيل أن العرب تحلّوا بها قديماً ، كنت أحمله ُ يوماً بين أضلعي خائفاً أن يشاهدني بعض ُ من الأشخاص ، فيظّنُ بعضهم أنني بمحاولة ٍ سأقوم بها - سأخون وطني- فعلا ً ، أو أنني سأقوم بفعلة ٍ نكراء ضدّ وطني و أمتي . على مرّ السنين ، تعلمنا كثيرا ً من حكوماتنا العربية معان ٍ لا حصر لها عن مفهوم الإسقاطات ، على مستوى كُتب ٍ أو أقلام ٍ أو كلمات ٍ أو "مسرحياتٍ" و حتى برامج الأطفال ، و من ثم تعدا الأمر أن تكون الإسقاطات العربية على مستوى أشخاص ٍ فحكومات ، إلى أن وصل الأمر أن نُسقِط َ من بين أيدينا ً رجالات لم يشهد تاريخنا العربي الحديث مثيلا ً لهم من علماء ٍ و كتّاب و رجال دين و حُكّاما ً و قادة حبّوا و أخلصوا لوطنهم و قضايا أمتهم ، إلى أن وصل بنا كأمة ٍ "ضحكت من جهلها الأمم " أن نُسقِط و نشاهد معا ً من خلف شاشات التلفاز مع قصعة ٍ من "البزر " و كأس ٍ من القهوة إسقاط دول ٍ و مدن ٍ عربية إسلامية عُرفت على مرّ التاريخ كله أهميتها و مكانتها في قلوب الناس كافة . أُسقِط َ محمد الماغوط حين خاطب بفنّه و تكلّم بلسان قلمه حول ما يعيشه المواطن العربي من معاناة ٍ في ظلّ حكوماتنا العربية ، فكتب "غُربه " و كتب َ " ضيعة تشرين " و كتب "الحدود " و كتب كاسك يا وطن" إلى أن كتب سأخون وطني .. كَتبَ نِزار قبّاني يوما ً و قال " حزيران شهر ٌ بلا منطق " ، كان حينها مفهوم الإسقاط لم يدخل عقولنا و لم يتجاوز بضع َ كلماتٍ فقط ، فأسقط و مجموعة ٌ من كتبه و كلماته و جرّد تماما ً من وطنيته و عشقه لأمته التي عشقها منفرداً عن غيره بأسلوبه ، و جاء اليوم الذي أصبحت به شهور العرب جميعا ً و أيامها بلا منطق ٍ و لا نُصبح أو نُمسي إلا بإسقاطات ٍ تلو الأخرى . لم تقف الإسقاطات العربية الكثيرة إلى ذلك الحد ، ففي كلّ يوم ٍ نعيشه و نحن نقلب أيدينا على كفيّنا يعّد إسقاطاً ، و ها هي الآن فتح يدا ً بيد مع إسرائيل و أمريكا ، تحاول إسقاط حكومة حماس ظنّا ً منهم ـ أن حكومة ً إسلامية لا تصلح لأن تكون حكومة . فما تعيشه غزّة الأبيه الآن هو دليل ٌ قاطع على تغلغل مفهوم الإسقاط في عقول العرب . الذين يدشنون سفارات اليهود في بلدانهم في كلّ يوم ، و يدعون وزراء و مسؤولين اليهود إلى المؤتمرات "السهرات" في كلّ لحظة ٍ و عشيتها . في زمن ٍ قريب ْ ، و في يوم ٍ لن ينساه حرّ ٌ ، أُسقطت مدينة ٌ هي أجمل من كلّ نساء ِ الأرض ، أسقطناها بأيدينا لا ...!!! أسقطناها بأيدي أمريكية صهيونية ، هي بغداد ْ و أي شيء ٍ مثلها ؟ فالعراق مقبل على الكثير من المشاكل و المزاعم و التداعيات التي تسعى بشكل أو بآخر لإسقاط العراق من منظومة الدول العربية و الإسلامية الحقّة و سبب ذلك الاحتلال و ايران و إسقاطنا لنظام الرئيس صدام حسين. صدام حسين ، هذا القائد العربي المميز ، الذي أصبح في زماننا الذي نعيش ديكتاتورا ً و قاتلا ً و ظالما ً لأهله ووطنه و أمته ، جُرّد هذا الإنسان من كلّ مقومات الشجاعة و المروءة و الشهامة التي تحلّى بها ، بل و جُرّد من وطنيته و قوميته العربية التي ما انفك في يوم ٍ من الأيام عن الدفاع عنها . أُسقِط صدام حسين كما أسقِطت بغداد ْ ، بل أُسقِط َ حينما أُسقِطت الشهامة و المروءة العريية ، فإن كان ظالما ً و ديكتاتورا ً فمن منّا ليس بظالم ٍ أو طاغية كما يصفه من يريد أن يرى جيب "بنطاله" مليئا ً بالدولارات ؟ أُسقِط َ لأنه على الدوام يقول " تحيا الأمة العربية ، و تحيا فلسطين حرّة عربية و يحيى العراق حرا ً أبيا ً " . لم يعش العراق أياما ً أكثر دموية ً و قتلا ً و خرابا ً مثلَ هذه الأيام ، العراق الذي يحكمه الآن بوش و أولمرت ، العراق الذي يريدون إسقاطه من منظومة الدول العربية ، العراق الذي جرى تقسيمه الآن ، هل هو العراق الذي كنّا نعرف ؟ خلاصة الإسقاطات العربية أننها تتجسد بإسقاط كلّ الشرفاء من " كُتب ٍ ، و أقلام ٍ و كلمات ٍ و كُتاب ٍ ، و أشخاص " .. سأخون وطني ، كلمات ٌ كتبها الماغوط قديما ً و أسقطت .. و تبقى جملة ٌ واحدة لن تُسقطْ "الأمةُ القادرة على رفعِ السيفِ بوجه الظلم قادرة على أن تبني " بعدها سنعود .. كاتب أردني [email protected]
|