مايقرب من خمسة عشرة من السنوات مرت ، عجاف كانت ، ومثيلاتها ربما نائمات ، لكن الهم واحد ، اجتماعات ، لقاءات ، سفر ، وخطب بكلمات منمقات والخطى ما زالت في مكانها ، والذاكرة لا تخون أصحابها .
كلما استعصت الأمور ظاهريا، يفيق " البعض " كي يدغدغ عواطفنا، لكي يعيدنا إلى عالم الذكريات، بصرخة مبطنة مهددا باستمرار الانتفاضة وتجديدها.. وأخر يدعو للإصلاح أو استكماله، وهناك من يدعو لضخ الدماء الجديدة في العملية النضالية.... والآن أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية التي ألقيت من على شرفات الحوارات والعمل النضال الفلسطيني اليومي منذ أمد ليس ببعيد وتحولت من حاضن للسلطة الفلسطينية إلى تابع لهذه السلطة ، وهذا ما رأيناه من خلال تحويل معظم المؤسسات إلى الانطواء تحت يافطة السلطة الفلسطينية ، وليس أدل على ذلك من تحويل كافة السفارات الفلسطينية التي كانت تعمل من خلال منظمة التحرير إلى سفارات أو ممثلات للسلطة الفلسطينية . وهنا أيضا لا نتفق مع من يري أن تثبيت الذات التنظيمية تستدعي أن نجعل من الفعل النضالي الفلسطيني رد أفعال والانجرار باتجاه الأجندة الإسرائيلية التي ما فتأت إلا أن تحولنا من مناضلين من اجل قضية الوطن ضمن برنامج عمل نضالي يومي وذو أمد طويل وعلى جميع الأصعدة ، إلى مناضلين بالقطعة ومن أجل تحقيق مآرب تنظيمية داخلية على الساحة الفلسطينية أو إرسال رسائل إلى عناوين معينة ! .
أعود وأكد أن هناك من ينجر إلى ما يريد العدو من تحقيقه بغير قصد ، فالرد على اعتداءات العدو يجب أن تكون مبرمجة ومنظمه وضمن خطط موضوعة سلفا ، وليس الرد ذو الخطط الآنية والمتسرعة كما يرى في بعض الأحيان إن لم تكن كلها . والعمل المنظم والمتأني يعطي نتائج أفضل ، ومن خلاله يتم جر هذا العدو الصلف إلى الأجندة الوطنية الفلسطينية ، وليس العكس .
إنني أستغرب هذا الطرح وأستغرب أن يتحول الشعب الفلسطيني من وجهة نظر " البعض "
إلى ( قطيع) يتحرك وقت الحاجة والطلب، وينام وقت الحاجة الملحة، يستهل سيفه وحجره وقلمه وجهده، بأوامر عليا ويجنح إلى السلم بتوجيهات ربما تصل بالظرف المختوم ؟!
إن أصحاب الدعوات التي لا ترى في شعبها إلا وسيلة يلجئون أليها كلما أستدعى الأمر حماية مصالحهم وليس حماية القضية الوطنية وحماية شعبهم . هؤلاء يرون في شعبهم ، بان عليه أن يأتي ، مهرولا ، منبطحا ، متلكأ ، يسارا أو يمينا ، وطنيا أو إسلاميا ، باتجاه المقصف : شدوا البطون من أجل المناورة القادمة ... انتفضوا وهبوا بالسرعة المقررة ، خذوا حاجاتكم من السلاح أو الحجارة من المستودعات " واقضوا حاجاتكم " وعودوا من حيث أتيتم وأعيدوا السلاح والحجارة فور تلقيكم الأوامر المصانة الجديدة ... ولا تنسوا أن العودة والإعادة ينبغي أن تتم بموجب تصريح وأرقام سحرية تأتي ضمن ظرف مختوم حسب الأصول لا الأصل ؟! .
ناموا بعمق ، وعلى الجنب الأيمن ، عند سماعكم للكلام المثير ، وانقلبوا على ظهوركم ، وعندما يحين وقت النفير انقلبوا على الجانب الأيسر ، لكن هناك من سيقوم بإيقاظكم ؟
ب " كبسة زر " يلتهب الشعب وينتفض ويصول ويجول مناضلا وب " كبسة زر " ينام ويصبح واقعيا ويعرف أين تكمن مصالحه !! هكذا إذن يفكر البعض ربما ؟ .
لماذا ينسى هؤلاء ، إن من كانوا يتباهون بخصوبتهم لينجبوا " مقاتلين ومناضلين " بالأمس واليوم الجديد صاروا يبحثون عن عناوين للتفاوض وآخرون يبحثون عن مدارس أمريكية لأبنائهم لينشئوا " مفاوضين "! وأن من يستلقي على سرير داخل فيلا أو في منزل ضخم من منازله المتناثرة في داخل الوطن أو في دول الجوار ومن مخصصه المتواضع ، لا يجوز لهم أن يتحدثوا عن مصلحة الشعب ، أو إصلاح أو عن مواقع . وعلى من يبحث عن عناوين للتفاوض ، أن يتعض من ممن سبقوه في مسار التفاوض الذي انقلب من أجل الوطن والقضية إلى من أجل الذات والمصلحة الفردية . ولا ننسى هنا أن جميع التنظيمات الفلسطينية أصبح هاجسها الأول ، التطلع إلى مصالحا كتنظيمات ، وأصبحت هواجس ومصالح الشعب الفلسطيني لم تعني أحد على الرغم من أن تلك التنظيمات يقول أنه يعمل من أجل مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة .
أعتقد أن الشعب الفلسطيني لم يعد يقوى على أن يتحدث أحد باسمه وبمصالحه ، فهذا الشعب كان وما زال همه الأكبر الوحدة الفلسطينية بين كل مكوناته ، والتي أصبحت خلف كل التنظيمات الفلسطينية .
ومن أقول أن على الشعب الفلسطيني أن يقول كلمته ، لا أن ينصاع للكلام المنمق الذي يصدر عن زعامات التنظيمات لا قيادات الشعب الفلسطيني لأن هذا الشعب أعتقد بأن ما يعتقد أن هم قادته لم يعودوا قادة لهذا الشعب ، لأنهم لا يرون بأن هذا الشعب هو المصدر الأول للسلطات والقيادة ، ولا أحد من هذه التنظيمات يرجع لهذا الشعب الذي شبع من المزايدات الداخلية إن كانت داخل التنظيم الواحد أم داخل الساحة الفلسطينية . إن معركة كل إنسان تتناسب مع حجمه، وحجم البعض قد يكون وطنا أو سماء، أو دخول التاريخ، أما حجم البعض الآخر فقد لا يتجاوز " مكتبا " و ميزانية مالية أو سلطة ونفوذ مسروقان، أو " حقيبة سفر “. !!
وكما قال الشاعر أبي الطيب المتنبي: على قدرِ أهل العزمِ تأتي العزائمَ .. وتأتي على قدرِ الكرامُ المكارمُ .. وتعظمُ في عين الصغير صغارها .. وتصغر في عين العظيم ُ العظائمُ .. !!
======قصيدة : الأسير الفلسطيني========
في لحظة منكسرة
مثل انكسار الصوت
فوق عاكس الصدى
يرتدُّ في ذبذبةٍ
تصحبها أنجزة
سوداء
بيضاء
حمراء
من دونما لون !
شيئاً ..... فشيئاً
تتلاشى ،
مثل قطعة من الجليد
فوق صفيح ساخنٍ
مثل فقاعة ..... تفّجرْ
فوق هواجسي
شعرتُ
أنني غير الذي
يدخل في ملابسي !!
وأنهم في ليلة معصوبة العينين ،
مأسوراً
على الأشواك قادوني !!
" عزيز قوم ذل .... "
عندئذ ... بكيت .
ما كنت أبكي من لواعج الحرية
لكنني أصبحتُ
لا أملك ... غير الصمود
هل يأسرون الدمع ؟
وأنهم .... يحاولون !!!
في مركز الأسرى
في علبة صرنا بها
أسماك سردين
لكننا أحياء
ننتظر التعليب!!
بوتقة التجريب
في كل لحظة يكون واحد منّا
على استعداد أن يموت
في منصهر التعذيب
من أجل أن لا يعدم الوطن
في ليلة تجمعّوا حولي
أنابيب زجاج ، وسكاكين ،
مقصّات لها طاقية
تمشي على ساقين !!
" جربتمو غسل الدماغ ؟ "
" نعم ...
بمسحوق يزيل الصبْرَ والأحساس ،
والصمود
والزمنْ ...
فما غَسلنا من دماغهِ
حبَّ الوطن !! "
لي زيتونة في جنين
أسرّ فيئها غراب البينِْ
من صهيون
غادرها الدوري
تاركاً بيوضه المفقسّه !!
ماذا يقول للجنين ؟
" أبوك مات من سنين
أمّك تلك السلحفاة ... "
يا زيتونتي في جنين
لا تجزعي على بنيك ... يكبرون
وسوف يرجعونْ
في موسم الزيتون ...
يا زيتونتي في رام الله
يا جارتي في الأسر
" من يضحك الآن
ومن يبكي ؟
تعالي ...
نقتسم الهمَّ ... تعالي "
في غفلة من الحرس
ليلاً ... تسللتُ
إلى ذاكرتي
لأستعيد بعض
ما يملكه الأنسان .
اضف تعليقك على هذه المادة
|
|
|